قصة قصيرة
الحرمان
رغم البرودة القاسية في تلك الليلة، وقف طفل في الثامنة من عمره بملابس مهلهلة وحذاء كبير ممزق لا يحمي قدمه الصغيرة من البرد، أمام واجهة زجاجية لأحد المطاعم الشهيرة بالمدينة يرتعش جسده النحيل وهو ينظر لأسرة مكوّنة من أب وأم وطفلة صغيرة، ينظر باتجاه الأم والطفلة تارة، وتارة أخرى باتجاه الأب، ثم يركز نظرته أخيراً على المائدة والتي وضع عليها دجاجة مشوية وتفوح رائحتها الشهية لتصل إلى أنفه الصغير، ممسكاً بقطعة خبز يابسة يأكل منها، نظرت الطفلة الصغيرة ناحيته في شفقة وهو ينظر إليها من خلال زجاج الواجهة
ويتسائل في نفسه لو كان أبي لم يطلق أمي
ولو أن أمي صبرت على طباع أبي ولم تصل بهما الحال إلى الطلاق
أبي طلق أمي وتزوج
وزوجة أبي تعاملني بلا رحمة ولا شفقة
كذلك أمي تزوجت وزوجها يضربها ويعنفها حين يراني عندها في المنزل
يحدق الطفل بعيني الطفلة ويتابع شروده
آه لو كان لي أهل لما أصبحت مشردا
قسوة زوجة أبي وقسوة زوج أمي أجبراني على الفرار والتشرد والتسول
ينتبه الأب إلى طفلته التي تسرق النظرات إلى ذلك الطفل الحزين
ويدرك أنه قد أثار شفقتها لكنه يقول في نفسه ماذا أستطيع أن أفعل فهناك مئات الأطفال مشردين بسبب هذه المشاكل الإجتماعية
فلو استطعت أن أحل مشكلة طفل
لن أستطيع أن أحل مشاكل كل الأطفال
إنتهى الجميع من الطعام
وأخذ الأب وجبة معه وخرج إلى الطفل
إشترى له لباسا جديدا وحذاء وأخذه إلى البيت وفي البيت أدخلته الأم إلى الحمام ونظفته وألبسته اللباس الجديد
وفي اليوم التالي وبعد تناول الفطور
أخذه الوالد إلى الميتم
نعم فليس اليتيم من مات أبواه
لكن اليتيم من فقد أبويه وهم أحياء ويعيشون حياتهم دون الإكتراث لمصير أطفالهم
فقط لأن الأب والأم لم يستطيعا العيش سويا
_____________________
أبو نديم الشريف



أضف تعليق