الجزء الرابع
الإنسان في نهج البلاغة:
الجزء الرابع…
لنبحث بروية اين كان الإنسان فإن أحسنا قراءة تراثنا الفكري نصل إلى الحقيقة ؛ وقد سهل لنا الإمام ع .. مهمة الوصول لما نسأل فقال: عندما سئل عن العالم العلوي صور عارية عن المواد ؛ خالية من القوة والإستعداد ؛ تجلى لها فأشرقت ؛ وطالعها فتلألأت ؛ وألقى في هويتها مثاله فأظهر عليها أفعاله ؛ وخلق الإنسان ذا نفس ناطقة إن زكاها بالعلم والعمل؛ فقد شابهت في جواهرها أوائل عللها ؛ وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد شارك بها السبع شداد ” من صحيفة الأبرار”.
ربما يسأل سائل هل بعد الموت الأرضي نعود إلى ما كنا فيه من عالم علوي ؛ يجيب الإمام ع” خلقتم للأبد وإنما تنقلون من دار إلى دار” ” الحقائق الفيض..قرة العيون”.
ولم يتركنا الإمام الصادق ع ..أن نفكر كيف سنرى بعضنا بعضا هناك فقال: إن الأرواح بعد الموت في صفة الأجساد تتعارف وتتساءل ؛ وقال ع: إن الأرواح مقيمة مكانها ؛ روح المؤمن في ضياء وفسحة؛ وروح المسيء في ضيق وظلمة والبدن يصير ترابا..
ولو جئنا إلى العلم الحديث قال الدكتور” دين رادين: في كتابه الظواهر الروحية الخارقة عن حالة واحدة بأنهم احضروا روحا ضالة وسألوها عن حالها قال منذ مئتي عام وأنا في ظلمة قاتلة أرجوكم أن تدعوا لي الله بأن يفرج عني ؛ وقام رجل الدين مع من كان في الجلسة بالدعاء له فأحضروا الروح بعد شهرين الحمد لله أصبحت ارى اخي..
وقال الصادق ع: إن الأرواح لا تمازج البدن ولا تداخله ؛ وإنما هي كالكل للبدن محيطة به؛ وعنه ايضا ع: مثل المؤمن كمثل جوهرة في صندوق إذا خرجت منه طرح الصندوق ولم يعبأ به..وقال ع: إن الميت يزور أهله في كل يوم او يومين أو ثلاثة او جمعة أو شهر او سنة على قدر منزلته وعلمه ؛ فينظر إليهم ويسمع كلامهم ؛ ويرى المؤمن ما يحب ويُستر عنه مايكره ؛ ويرى الكافر ما يكره ويُستر عنه ما يحب..
وعن رسول الله ص قال: الأرض لا تأكل محل الإيمان ؛ ولهذا يجب أن نستمع لصاحب الدليل على الطريق المستقيم ..
علي امير المؤمنين ع: لأن العقل يدعونا إلى ان ننتبه إلى نهج الإمام ع في الإنسان ؛ لنبني الإنسان في بشريتنا ليكون في أحسن تقويم كما خلق؛ وننظر إلى إنساننا كعالم له مجموعة من المكونات إن رُشدت كل تلك المكونات فيه وأحسن بناء مداميكها بلغ درجة عالية من الكمال الإمكاني ؛ وإن لم يستطع اقترب أو ابتعد عن إنسانية الإنسان بقدر ما تحقق من صفاته.. الظاهرة والباطنة من تلك الصفات ؛ وإن اردنا إنصاف انفسنا والكلمة التي نقرأها علينا أن ننظر إليها بمنظار البصيرة والعلم وهذا يفرض علينا إذا ابتغينا سواء السبيل وأردنا تقصي معاني الكلمات ومقاصدها ومضامين الإشارات ودلالاتها نظرنا إلى المفهوم المشترك بين الشرح اللغوي المنطلق من معناها وفق علماء اللغة للكلمة ومدلولها من حيث موقعها من الخطبة او القول أو الحكمة ؛ وقد وجب علينا الأخذ بعين الإعتبار صفة المتكلم فهو ” أمير المؤمنين ع” فلنتجه متوسلين على بابه.
سأل همام أمير المؤمنين ع أن يصف له المتقين ومما قاله الإمام ع: فمن علامة احدهم
سنكمل قول الإمام في الجزء الخامس
إنشاء الله.



أضف تعليق