الأمهــــات ” الـمـودرْن “
ســـليم أحمـد حسـن
حدّثتني مديرة مدرسـة قـالت: بـعـد بـدء الـدوام الـيـومي،
ومـع انتهاء الحصـة الأولـى ، تصلـني كشـوفـات بأسـماء
الطالبات الـغـائبـات في المـرحلــة الثانويــة والأسـاسيـــة
العليا. فـأنــا أحـبّ أن أتـابع ذلـك بـنفسي، حـرصـًا عـليـهـنّ
فـي هـــذا السـنِّ مـن جهـة، وتطبيقــًا لـــنظـام المـدرســة،
ومـنه الــتواصـل مـع الأهــل بهـدف التعـاون والمشـاركـة
في التربية والتعـليم من جهة أخرى .
لـفــت نــظـري غـيــاب إحـدى طـالبــات الصّــف العـاشـــر
الأسـاسي للمـرّة الثــالــثـة، خــلال أقـــل مـن أسـبوعـين .
فــعـدتُ إلى ملــفّ المعلومات الخاص بصـفِّـها، وأخـذت
رقـم هاتف المنزل ، واتصلت .. ردّت عليّ
الخادمة، قالت بلهجة عربية ركيكة “المدام نايم” !.
قـلت : وأيـن ليلى ؟ قالت : في المـدرسـة ! خـرجت
مـن الصبح .!
تـابعـت الاتصال بمعـدل كل سـاعة مـرة، وفي كل اتصـال
أؤكـد على الخادمة، أن تتصـل بي المـدام حـالمـا تسـتـيقظ
للضـرورة . وفي حـوالي الــواحـدة ، وصاني صـوت المدام
الناعس : صــباح الخـير ، تقـول الخادمـة أنـك طلبتِني عـدة
مـرّات . فماذا هناك .؟
قـلت : أردت أن أعلمــك أن هـذه المـرّة الثالثــة التي تـتـغـيـب
فــيهـا ابـنـتــك عـن المـدرسـة خــلال أسـبوعين ، وفـي المرتــين
السـابقتين، قـدمـت لي تقريرا طبيـًا، يـفـيـد أنها كانت مـريضة ،
وحــين أردت الاطمئنان عليها، علمت أنها غادرت المنزل صباحا،
بـحـجــة الذهاب إلى المـدرسـة، وكـنــت قـد تــأكـدت مـن سـائــق
الباص، أنه لم يجـدها بانتظاره ولم تركب الباص.
قـالت الأم : أنـتـم مسـؤلون عنها ، وعـن كل مـا يحـدث لهـا .!
قـلـت : هـذا لـو كانت ركبت الباص يا سـيدتي ، ولو فـعـلت ،
لـدخلت المـدرسـة، ولن تســتطيع الخـروج منها تحت
أي ظـرف ، إلآ بإذن رسـمي ، أو إيصالها إلى المـنزل
بباص المدرسـة ، بـعـد الاتصال الهاتفي بكـم . وأنــت
تـعرفين هـذا النظـام !
ردّت الأم : سـأجري بعـض الاتصالات مع الأهـل والأقـارب ،
لعلها ذهـبت عـند أحدهم . وسأحضر إلى المدرسـة،
أو أتصل بكـم إن عـرفت شـيئا ، وبلـِّغـوني بمـا يـجـدّ .
وصـلت الأم إلى المـدرسـة قبـل الــثالثة بقــليـل ، ويـبـدو أنها
مـرّت بأحـد صـالونات التجميـل ، قبل وصولها إلينـا ، لمـا تـبـدو
عليه مـن زينـة وأنـاقـة . وحين دخـلت غـرفة الإدارة لاحظـت أنـه
لا يـبــدو عليها أيّ قـلق أو تـوتـر .
قـالت : هـل سـألت زميـلاتها ، إن كـنّ يعلمـْن شـيئا عنها ؟
قـلت : لـم أفـعـل ، حــرصـًا عـلى سـمعـتها ، وحــتى لا يـشـعـرْن
أن هـناك أمـرًا غـير عـادي ٍ يجـري ، فــتزداد الـتسـاؤلات
والتفســيرات .
قـالت : حسـنا فـعـلـت ِ .!
قـلت : أنـا أتـوقـع أن تعـود إلى البيت في نفس وقـت عـودتها
مـن المـدرسـة ! حتى إذا أخـفـت أمـر غيابها عنـك ، بـدا
الأمــر طبيعيا .
وقبـل أن أ ُتـِــمّ كــلامي ، رنّ جـرس هـاتــف الأم، وسـمعـتها تقـول
بـعـد حديث البنت: لماذا لم تـّتـصلي يا حبيبتي، وتـقـولي أنك قضيتِ
اليـوم ، مع ابن خالتك” سـوسـو “، ثـم ذهبتمـا إلى المطعم. لــقـد
سـألتْ مـديرة المدرسـة عـنك ، حيث ظـنـّت أنك مـريضة .!!
أغلـقت الهـاتف وقـالت : أظـنـّـك ســمعـت أين كانت !!، دلع بنـات
اليـوم .. ، وقـامـت وغادرت ، وتركتني في ذهـول تـام .!



أضف تعليق