( أمشي إليك ..!!!!!!! )
ليل المريض والمُعذب طويل طويل وكأن صوتاً إلهياً يوقف الزمن ، والليل قد يطول على غير ما ذكرت فكذا السجين والحبيس وكذا …
كل هؤلاء ينشدون العودة للصحة والنور
والحرية وحضنٍ كانت تنعم فيه الألفة
والمحبة .
ذلك أن العودة تكون عودة للحياةفالحياة
هي النور والصحة والحرية وقبل ذلك
كله عودة للحب لأنه أي (الحب) هو نسغ الحياة المنشود .
لكن تجد بعض البلهاء ، والمخبولين والذين يعانون من عقدٍ ، يسكبون فوق الزهور والورود والخضرة ماءً ساخناً حارقاً ويقتلون العودة للحياة عن عمد .
ويدمرون عطر الزهر والورد ويطفئون النور ويغتالون الفجر ليجعلوا من الفجر
حريقاً ونذيراً .
أولئك هم أمثال مشرف صالة السينما الذي جعلك في موقف مرعب بأن تكون في صالته ، ويُطفئ الأنوار ليلفك ظلام دامس وعيناك مسمرتان باتجاه شاشة العرض متأملاً ، تنتظر بدأ عودة الحياة بفيلم نابض وإذ بذلك المشرف على الصالة يدبر الأمر ليتركك والظلام يلفك تائهًا في عتمة تساوي عمر وجع ، فلا اتجاهات ، لا يُمنة ، ولا يُسرةً بل تسبح في ظلام كروي ليغتال نور الإشراق فيك ويقتل أمل الفجر في وجدانك ، فلا فيلماً
نابضاً ولا نوراً مشرقاً .
يا ترى من كان بهذا الموقف ، وهذا التهديد المرعب هل يعود لنفس المكان ماشياً على قدميه ، قطعاً لن تكون العودة بعد كل هذا الجنون والبله والخبل وإن شئت قل الإجرام .
أتذكر هنا قولاً للأديبة غادة السمان حيث تقول :
( لم تعد قدماي بقادرتين على المشي إليك..)
وبالتداعي أتذكر على النقيض أغنية لرياض السنباطي على عوده من كلمات جوزيف حرب بعنوان (أمشي إليك ) فيها يقول :
(أمشي إليك وعمري كله سفر
أمشي إليك على جفني ولا أصل )
نعم ، لم يعد العقل والقلب والوجدان يعرف درب العودة ، كنَورس اهترأت بوصلته .
فعند الرحيل لن نعود كي لا يتبدد ما بقي من حب وروعة أضفاها الرحيل فالعودة ضياع لبقية بهجة وتقدير .
وختاماً لو تدفق الزمن كالنهر الهادر مطواعاً بين يديك إياك والعودة فالسبل تاهت ، والطرق ضاعت والذي أمامك سراب ووهم وخراب. إن العودة للرحم هي أولى المستحيلات في الحياة لأن فيها الفناء ..
ذلك أن الولادة ظاهرة غير قابلة للانعكاس .
د . عمر أحمد العلوش



أضف تعليق